محاكمة طير البر ... رواية سالم محمود سالم

 
في هذه الرواية سنكتشف ثقافة موسوعية للكاتب , مكنته من إقناع القراء بما لايقتنع به هو أحياناً , وجعلته قادراً بتمكن نادر على جذب انتباه القارىء للتفصيلات الصغيرة , ولما يدور في أحداث الرواية , حتي بين حيواناتها وطيورها وعوالمهم العجيبة , والتي أستقي منها المؤلف فكرة المحاكمة أو فكرة الرواية .
محاكمة طير البرإن الرواية ليست بوليسية قطعاً , فليست هناك تحقيقات دقيقة , ومطاردات عنيفة , ومغامرات مثيرة , بل هى رواية تجسد الحياة بكل ما فيها من خير وشر , ويحسب لها أن الشخصيات ليست مسطحة غالباً , فهم كالبشر الحقيقيين سواء بسواء , فالشرير قد يصحو ضميره , ويقدم دليل براءة لمتهم مظلوم , والإنسان الخير المثالي في الظاهر أو الولي له أهواؤه وانحرافاته , لكنه يتغلب بحكم غلبة جوانب الخير فيه على تلك النتوءات والالتواءات فى شخصيته.
إنها إذن شخصيات طبيعية في الغالب , صور المؤلف تصرفاتها المتناقضة أحياناً ببراعة فائقة , وأحياناً بطريقة مقبولة لأنه هو نفسه ليس شخصية مسطحة ايضاً , فله أن يتذبذب بين الدرجتين , بل له أن يهبط عنهما , لكنه لم يفعل إلا قليلا !
إن أبرز ما في هذه الرواية القدرة المذهلة على الحبكة , وسبك الأحداث, وترابطها بطريقة مقنعة , هذه القدرة على الحكي بإتقان هي التي جعلت الرواية تشد قارئها شداً , على الرغم من انها ليست بوليسية , لكنها لا تكاد تتميز عنها في الإثارة بشىء تقريباً , ولا أعترف أني لم أنج من شرك هذا التشويق فقرأتها مرتين بشغف غريب على مثلي .
ولعل ما يلفت الانتباه ... من وجهة نظري – هو توحد الكاتب مع شخصياته , فهو لا يتدخل , كما في بعض الأعمال الفنية الأخرى , فى الاحداث , ولا يشعرنا بأن شخصاً غريباً يطل برأسه من اعلى إلى داخل النص إلا في حالات نادرة , علت فيها الخطابية والمباشرة التى دفعته لها تلك الروح الإنسانية العالية , والحنين للحياة النبيلة التي يحملها الكاتب بين حناياه والتى لم يجد فى سبيل تنبيهنا لضرورة إعادتها إلا التدخل السلطوي الفج أحياناً , وهو ما أشرت إليه آنفاً , ولا داعي لذكر الأمثلة من الرواية عليه , فلا مجال للنزاع اصلاً في ذلك , وهو من الندرة بحيث لا يلام عليه الكاتب , فالنادر لا حكم له .
مقتطف من الرواية :


لم يتوقع الحاج " حسن عبد البر " أن أمله سوف يتلاشي بهذه السهولة ... بعد الانتظار المرير على دروب اليأس , وغفل أن الحياة ما هي إلا لحظات قليلة يريد امتلاكها جميعاً .. ولا يعلم أنها ستضحي سراباً ... بعدما فاجأه القدر بالحكم على ولده سعيد كالصاعقة .. أطاحت به وبعثرت هذا الأمل .
شعر انه يهوي في بئر مظلمة عميقة ليس لها قرار , أو كمطرقة قد هوي بها القاضي على رأسه دون رحمة ... افقدته الوعي , وروحه التى ساخت منه وكادتن تنفلت إلى عالم برزخي .... تجوب جنبات قاعة المحكمة , تحةم محتضنة الجدران العالية الباهتة وترفرف على رءوس القابعين فوق المقاعد الخشبية المتراصة وبترقب وذهول , ومن شدة الموقف ... حضر خصومه الجلسة وأضحوا مبهوتين عندما أخذتهم الصاعقة أيضاً فى طريقها .. ثم انطلقت صوب ولده سعيد القابع في القفص الحديدي وحامت حوله ... ثم أنطلقت بعد ذلك صوب الأفق الأبدي وتركته يواجه مصيره وحده .
أفلتت العصا العاجية من يد " الحاج " المرتعشة وهي تمثل جزءا من تكوينه ... كاد يخر على الأرض .. انزلقت عباءته السوداء عن كتفيه , ويداه تتشبثان بالمقعد المواجه له ... أحدثت العصادويا كسر حدة الصمت المطبق عند ارتطماها بأرض القاعة الخشبية المتآكلة ...على عجل توجه فرج زوج فاطمة ابنته وتأبطه من الجهة اليمنى وهرول خروع الذي يعمل عنده خوليا للزراعة وتأبطه من الجهة اليسري , ساعده على صلب طوله .



توجها به نحو العربة المنتظرة بجوار الرصيف الماوجه لباب المحكمة العتيقة بعد أن هبطوا به درجات السلم المهشمة .
أجلساه في المقعد الخلفى ... جلس خروع بجانبه ثم جذب رأسه وأراحه على صدره البارز والدموع تنهمر من عينيه كالشلال .. ثم قاد فرج العربة منطلقاً صوب قريتهم البجامون .
تابع أحداث الرواية من خلال تحميلها او قرأتها اونلاين او شراء الطبعة الورقية منها بالروابط بالأسفل ......
بيانات الرواية :
الأسم : محاكمة طير البر
تأليف : سالم محمود سالم
الناشر : بلنسية للنشر والتوزيع
تاريخ النشر : 2006
الحجم : 6 ميجا





روابط تحميل رواية محاكمة طير البر 














تعليقات