التلميذ والدرس ... رواية لــ مالك حداد

 
إن« التلميذ والدرس» في جوهرها مونولوج طويل، فنحن لا نتعرف طوال الرواية إلا على شخصية واحدة لهذا الطبيب الجزائري الكهل، القاطن في إحدى المدن الفرنسية، وحيداً بعد أن ماتت زوجته. والمفارقة الروائية التي ينطلق منها حداد هي أن الطبيب –الأب- حريص على إبقاء حفيده بين أحشاء الابنة –المناضلة- التي جاءت عليه راغبة في الإجهاض. يكشف لنا حداد عن رمز البطولة في المقاومة الجزائرية، من خلال هذه الرواية21. وضع حداد في روايته الأب وابنته وجهاً لوجه، الابنة التي تعمل في صفوف المقاومة. ومثل هذه المواجهة، تعتبر مظهراً آخر لصراع الأجيال، الذي تجلى واضحاً في أعقاب الحرب العالمية الثانية. وفي الواقع فإن حداد هذه تعتبر أفضل رواياته وهي أكثرها تماسكاً وحيوية ومحتوى، بالرغم أن الدور الكبير يتركز في معظمه على مشاعر الوالد وهو يفكر ويتأمل سلوك ابنته. لقد اختار حداد منذ الوهلة الأولى أن كون « المنفى» هو المهاد الذي يبذر فيه رموزه، واختار أيضاً « جيل المنفى» هو الصغيرة المعبرة عن رؤيا المقاومة في رواية « التلميذ والدرس». يقدم إبداع مالك حداد فكرة عن الدرجة النوعية الجديدة التي ارتقت إليها الرواية الواقعية الجزائرية.
التلميذ والدرسمقتطف من الرواية :
ما كنت أعلم أن ابنتي هكذا جميلة . وقحة ثائرة . ليست للزمن ذاكرة . لقد نسيت , ليست للزمن ذاكرة ولكنه فنان . وهذه الكلمات التى تلهو : الطقس الجميل .. أنا قبحت منذ عهد بعيد .. لم يبدلنى الزمن أبداً . بت ذا بطن , بت أقل تدخيناً . إن ما ينبىء عن عمري طيب قلبي أكثر مما تفعل الشعرات البيض القليلة التى انزلقت خلل أفكاري . لن تأتي أبداً التجاعيد كي تلطف وجهي فأنا لست على نبل الصخور التى تخططها الموجة . أنا كل مالي وضع اجتماعي . وضع اجتماعي وأهواء . زالدهشة أنى عشت , أنا لم أعرف نفسي أبداً كما ينبغي أن أعرفها .
أنا لا أعرف ابنتي .
ولدت فاضلة ساعة جاءت الكلنات , نظرت إليها لم أفهم , عيناها سوداوان تلمعان خائفتان , إنهما تريدان الهجوم علي . المدينة الصغيرة يداعبها الوسن فيما وراء مكتبي . المدينة الصغيرة دائمة النعاس , فالحر كان شديداً فوق سطوحها وسقوفها والبحر , وجاء الليل كامرأة . كأمراة صبية جاء مع فاضلة .
الدقيقة ضخمة ثقيلة طويلة . يجب أن نجتازها , أن نقفز الدقيقة . الحاضر ذو زمن , أنا لا أحسن الانتظار.
الطفلة التى لا أعرفها أبداً , أنا أعرفها بقلبي , من كل قلبي . والحق أننا لا نستطيع معرفة شىء بهذه الوسيلة . فالقلب لا عقل له . وخاصة قلبي , أنه قلب معتوه .
عصر ه هذا اليوم زرت مريضاً , وهو طبيب أعرفة منذ أربع سنوات . جراح من أصدقائى .
قال لى : انت طبيب لا تكذب


أجبت : أنا أكذب لأني طبيب
حاول أن يبتسم : لا أمل إذن !!!
لا أمل ؟؟ إن الكلات هى التى لا أمل فيها . اما الفكرة فدعنا منها , انا قادر على انا أتصرف بأفكاري . أما التشخيص فقد أملاه على هو .
أمن المستطاع أن نكتب على ورقة وصفة : لمن الدور ؟
إنه دورك يا صديقى , دورك انت الآن . إنه لأمر مضحك !
لقد عالجت خلقاً كثيراً , شفيتهم , خلصتهم , أعدت إليهم الصحة , والآن هيا ولنقم بواجب الاحترام يا صديقى روبير إنها تنتظرك , فلا تتركها على انتظارك . يجب أن تذهب إليها , أما السرطان الذى أصابك فما كنت لأهتم به , رأيت عينيك ورأيت عيني
- فى مثل جثتك ..
كنت على علم أنه سيذهب ليلاً , كما كان هو على علم بذلك , ولكنى أفكر فقط بتلك الصورة التى بين الأطباء الداخلين والممر ضات والصندوق القروي الذي فى زاوية الغرفة
ثم ردد الهاتف :
- ... أعتذر ولكن الدكتور كوست علق مواعيده ...
قال بصوت أبيض :
- علق مواعيده !!
المسألة مسألة أفضلية , وعنده عمل في مكان آخر .
أنا لا أقدر وليس ضرويا أن أروي ذلك لابنتي . إن ابنتى لم تأخذا موعداً , وأنا لست الموت تماماً . أنا لست طبيبها , انا لست أباها تماماً وهي ليست تماماً ابنتي .
اريد أن اصغي , أن اصغي طويلاً . ولست بحاجة لأن أتحدث عن ضخامة صمتي .
إن الكلمات هي التي لا أمل فيها .
المدينة الصغيرة وسني , ستنام المدينة الصغيرة , ستحلم
ولا شك انا كابوسها .
أنا أدعي قدير , صلاح قدير , انا الدكتور قدير اقطن بلدة صغيرة من فرنسا وسني منذ 1945 .
إنها تنظر إلى دائماً , اما أنا فأنظر إلى سروة قرب بونة , وليمون مثلج , لقد رسم البحر من هذه الجهة طفل فى مدرسة ابتدائية . كانت الحرارة صفراء وفاضلة تستحم للمرة الاولى فى انبلاج الفجر , خيمت الزرقة على كل مكان وحول الظهر كان فى الشوارع الضيقة وفى كؤوس الليمون المثلج ما يشبه الفرح , لقد أودعت قلبي الشارع الذي يقطنه العرب .
أودعت قلبي كاساً من الليمون المثلج .
أنا أحزر أنها تريد أن تتكلم



إن الدقيقة بعض الزمان
أخشي أن يرن الهاتف
أخذ الدكتور كوست موعداً هذا المساء
إن الدقيقة بعض الزمان
إن ابنتي ثانية عمرها اثنتان وعشورن سنة
وشىء يدق , يقرع اجراساً في داخلي . بعيد هو الليمون فى الكؤوس الصغيرة . أمن الممكن يا إلهى ! إنها باتت تحمل الشهادة الثانوية ؟
لها نهدان تكورا , والتبرج ليس من ذوقها
إنها امرأة من غير أن تتبرج
إنها جميلة أقول لكم
عندما بلغت العشرين لم أكن رجلاً , كنت طالبا . العشرون ليست لها اليوم نفس الصفات , نفس الجسد العددي , أنا لم أفهم أبداً كيف تكون الأصفار أعداداً .

بيانات الرواية :

الاسم : التلميذ والدرس
تأليف : مالك حداد
ترجمة : سامي الجندي
الناشر : وزارة الثقافة
سنة النشر : 2008
الحجم : 2 ميجا



روابط تحميل رواية التلميذ والدرس






أشترى كتبك الورقية بخصومات كبيرة وتوصيل لباب بيتك

رابط تحميل مباشر
رابط تحميل بديل 

قراءة الرواية اونلاين
أشترك بقائمتنا البريدية ليصلك جديد الروايات


تعليقات