أنا عشقت .... رواية لــ محمد المنسي قنديل

أنا عشقت رواية لــ محمد المنسي قنديل

على رصيف المحطة، وقفت ورد لتودع حبيبها حسن قبل الرحيل. وقفت هناك. ولم تتحرك بعد ذلك ثانية. وقفتها المتسمرة تلك دفعت ببطل الرواية في رحلة من مدينته الصغيرة إلى القاهرة التي تغلي من شدة القهر، ورغما عنه يهجر براءته ويدخل إلى عالمها المليء بالقسوة والصراع لحافة الموت، ينتقل من الأحياء العشوائية إلى ضواحي القاهرة الفخمة التي يحتمي سكانها خلف الأسوار، من الجامعة حتى السجون المكتظة بكل أنواع البشر كبطن الحوت، يشاهد كيف تموت البراءة ويسحق الإنسان ويظهر أسوأ ما فيه من خصال، هل سيستطيع «علي» أن يبقى متمسكا برمق الصدق الأخير؟

مقتطف من الرواية

أنا عشقتأمر غريب أن يكون هناك شارع خالٍ في مدينتنا فالحركة فيها لا تهدأ ولا يكف الناس عن الاصطدام بعضهم ببعض بلا سبب ومن دون حاجة إلي الاعتذار والأكثر دهشة أن الشارع كان أيضا صامتا لا تسمع فيه إلا أصوات الريح والعصافير وهي تنفض البلل من علي أجنحتها والصوت الواهن لاصطدام رذاذ المطر بالأرض ولكن لمزيد من الدقة لم يكن الشارع خاليا تماما فعلي الرصيف كانت تسير ورد وبجانبها حسن وقد أدخلت أصابعها بين أصابعه تلتمس منه الدفء في تلك الصبيحة الباردة وبعد ليلة مثقلة بالمطر كانت بلدتنا نصف نائمة فوق أسرة ممتلئة بالبراغيث وتحت سقوف تنز بالماء كحالها دوما ولم أكن أنا موجودا كما يحدث غالبا. كانت هي فتاة رقيقة كأن العشق قد شف جسدها أما حسن فقد كان أكثر طولا وجسده صلد برغم نحوله ولم يكن وجهه علي الرغم من وسامته خليقا بهيام المحبين ولكن الشارع كان يعيش لحظة من عشق نادر لم يجرؤ أحد علي مقاطعتها حتي الذين شاهدوا العاشقين من خلف جدران المقهي الزجاجي لم يتحركوا من أماكنهم ولم يصدر عنهم أي نوع من الجلبة ظلوا فقط يحدقون

فيهما بعيون فارغة عافت نفوسهم أكواب الشاي والقهوة وشيشة المعسل وظلت أنفاسهم تتكاثف علي الزجاج البارد حتي حجبت عنهم الرؤيا تماما. كان الشارع طويلا وبلا نهاية لأن الغيوم الكثيفة نامت علي حافة الأفق وأخذته في طياتها. كانت ورد هي التي تتحدث أحيانا كانت حزينة حقا وكلماتها تتحول إلي بخار أبيض رقيق تتطاير بسرعة قبل أن يسمعها حسن كان يحس بقليل من الزهو وكثير من الإحراج فقد كان مثل اسمه شابا تقليديا بالرغم من أنه متعلم متحفظا لا يجرؤ علي إخراج لحظات عشقه للعلن ولا يتصور أن تسير ورد بجانبه هكذا وقد شبكت أصابعها به أمام الجميع برغم أنهم لم يكونوا تقريبا موجودين. من شارع جانبي خرجت فجأة عربة صغيرة للزبالة ملأت الشارع بضجيج عجلاتها يقودها رجل عجوز غارق في السبات لا يشعر بما حوله ربما بتأثير الروائح المخمرة التي تفوح من حمولته بدا أنه سيواصل السير هكذا من دون أن يجد مستقرا لم تحس ورد بالعربة ولم تشم رائحتها وظل حسن يحدق أمامه في سهوم وهو متشبث بالحقيبة الصغيرة التي يمسكها باليد الأخري ولكن الحمار هو الذي أحس بهما حدق بعينيه الواسعتين الحزينتين ثم توقف فجأة كأنه خجل من أن يواصل السير بجوارهما بما يجر من حمولة عفنة وعجوز يشخر توقف ((حرنان)) في مكانه حتي بعد أن استيقظ العجوز وشهق فجأة كأنه يسترد أنفاس الحياة أوشك أن يرفع العصا ويهوي بها علي ظهر الحمار لكنه توقف حين شاهد العاشقين سائرين بأصابعهما المتداخلة كأنها كف واحدة تشبه القلب. شعر هو أيضا-كالحمار – بالخجل فنهض وأخرج من تحت المكان الذي كان يجلس عليه قطعة من القماش المتسخ أخذ يحاول أن يفردها برغم ما فيها من ثقوب ليداري بها حمولته فعل ذلك وهو يتلفت حوله كأنه يخفي جرما ثم عاد إلي مجلسه وابتسم في رضا ولكن العاشقين كانا قد ابتعدا لم يسمع صوت ورد وهي تقول فيما يشبه التوسل: أريد فقط أن أعرف إلى متي سيطول بي الانتظار هذه المرة؟ في المرة السابقة غبت فجأة لعدة أشهر بلا تفسير ولا رسالة واحدة هل تتخيل مدي الرعب والافتقاد اللذين عشت فيهما هذه الأيام؟

بيانات الرواية:



اسم الرواية: أنا عشقت
المؤلف: محمد المنسي قنديل
الناشر: دار الشروق
تاريخ الاصدار:2012
الحجم:5 ميجا بايت





روابط تحميل رواية أنا عشقت 




أشترى كتبك الورقية -توصيل لباب بيتك

رابط تحميل مباشر

رابط تحميل بديل

قراءة الرواية اونلاين






تعليقات