الثورة الجزء الخامس من ملحمة القفقاس رواية لــ محي الدين قندور
وسط هاتين الثورتين، هناك قصة مؤثرة عن المأساة والتضحيات الإنسانية: قصة الشراكسة والجور الذي قاموا به للحفاظ على كيانهم خلال هذه الأحداث المؤثرة.مقتطف من الرواية
جاءت طلقة البندقية من المجهول. قبلها لم يكن أي صوت أكثر من حفيف الأنسام خلال الأشجار وطنين الحشرات تحت شمس ما بعد الظهيرة الدفئ. لا بد وأن القناص قد تحرك بصمت يعادل هدوء انسياب المياه في الجدول القريب واتخذ لنفسه موقع اختباء جيد بين الشجيرات المحيطة. لم تكن لدي أكبر أبناء عائلة نالبي أية فكرة عما أصابه أثناء عمله الدؤوب في الحقول فقد كان عقله يتجول بعيداً في ذكرياته عن البلقان والصعوبات التي تحملتها عائلته قبل أن تصل إلي هذه الصحراء. ما كان له أن يكون قد سمع صوت الطلقة قبل أن يسقط عالأرض صريعاً. لكن عائلته سمعتها.
كانت أمه أول الواصلين إليه وأدركت علي الفور أنه متوفي وأنه لن تتوفر لها فرصة الدقيقة الأخيرة لتخبره فيما كم تحبه وكم هي فخورة بالطريقة التي شب فيها عن الطوق. بعد كل الأشهر الطويلة من المصاعب التي نجا منها كطفل بعد الإفلات من الحرب الشرسة في أوروبا بعد كل الحرص الذي مارسته لتبقيه حياً وسط تلك المجاعات البرد والأمراض لتغتاله في ثانية واحدة طلقة من مغير واحد.
ركعت في التراب وحملت رأسه المعفر إلي حجرها فلطخت الدماء ثوبها وتلوي وجهها في عذابه الصامت بينما كل جسمها يحاول أن يطلق النحيب الذي ظل حبيساً بداخلها. وقف زوجها ساكناً مثل جبل غير قادر علي أن يضم طفليه الباقيين بذراعيه. لم يستطع الطفلان أن يرفعا عيونهم الجافة المفتوحة علي اتساعها عن أخيهما الأكبر الذي ظل وحتي ساعة سابقة يتلقي منهما صفوف الإغاظة إلي أن يئس من محاولة جعلهما يعملان أكثر مما فعلا تحت الشمس اللاهبة وطردهما ليذهبا للعب في مياه السيل.
بدأت زوجته تصرخ فيه عند هذه اللحظة "لقد قلت لك أنه يتوجب علينا مغادرة هذا المكان" وقد عثرت علي صوتها بين نوبات النحيب التي تقطع قلبها لكن الرجل لم يقو علي عمل أي شيء أكثر من هز رأسه في موافقة خرساء " علينا أن نعود إلي القفقاس قبل أن يقتلونا كلنا كم يلزم حتي تقتنع؟ هل يجب علينا أن نشاهد جميع أطفالنا مقتولين من قبل هؤلاء العصاة قبل أن تعترف بأننا غير مرغوب فينا هنا؟ هذا ليس موطننا. ولن يكون موطننا أبداً".
بدأت الدموع تتجمع خلف مأقي الرجل الضخم في نهاية الأمر كانت سريرته الداخلية تخبره أن زوجته علي حق لكنه كثيراً ما استمع إلي تيمور والرجال الأخريين يخبرونه عن الإمكانيات الكامنة في الأرض التي وصلوا إليها والمخاطر التي ينطوي عليها الرجوع. لقد كانوا في غاية الامتنان للعثمانيين علي إعطائهم مكاناً يسكونه: حتي ولو أنه مكان موحش وغير متمدن ولا أمن مثل هذا.
بيانات الرواية:
اسم الرواية: الثورة الجزء الخامس من سلسلة القفقاس
الناشر: المؤسسة العربية للنشر
تاريخ الاصدار:2006
الحجم:8 ميجا بايت
تحميل رواية الثورة
أشترى كتبك الورقية -توصيل لباب بيتك
رابط تحميل مباشر
رابط تحميل بديل
قراءة الرواية اونلاين
رابط تحميل بديل
قراءة الرواية اونلاين
تعليقات
إرسال تعليق