قصة عن الحب والظلام ..... رواية لــ عاموس عوز

قصة عن الحب والظلام رواية لــ عاموس عوز

يُدخل القارئ إلى فضائه، إلى ورشته الروائية، يعرّفه على أدواتها وطرائق تركيبها، وكيفية عقد عُرى أحداثها، وكيفية تجميعها وتوزيعها وتركيبها والتلاعب بألفاظها. مادته الأوّلية ألبومات قديمة لصور العائلة، ومقاطع من حوار مع عمته سونيا، ومقاطع من كتب، وروايات، وأبيات من الشعر، وحكايات أسطورية، وقصص أطفال، وأحاديث متفرقة ما زالت عالقة في الذاكرة. وهو إذ يعيد هندسة روايته، فإنما يستعيد مقاطع وأزمنة على شكل لازمة موسيقية.

مقتطف من الرواية

ولدت وترعرعت في بيت أرضي صغير جداً لا تتجاوز مساحته الثلاثين مترا مربعا يكاد يلامس رؤوس ساكنيه كان سرير نوم والدي عبارة عن كنبة درج كانت تفتح مساء كل يوم فتملأ الغرفة من الحائط إلى الحائط. وفي الصباح الباكر كانا يطويانها ويخفيان في أحشاء درجها السفلي الشراشف والمخدات ويكسوانها بغطاء رمادي فاتح وينثران عليها وسائد شرقية مطرزة حتي لا يبقيا أثراً لنوم ليلتهما عليها. وهكذا كانت غرفتهما غرفة نوم وغرفة عمل ومكتبة وغرفة طعام وغرفة ضيوف.
قصة عن الحب والظلاممقابل هذه الغرفة كانت غرفتي الخضراء التي احتلت نصف مساحتها خزانة ملابس ضخمة الكرش. كان يربط هاتين الغرفتين الصغيرتين بالمطبخ وكوخ المنافع ممر مظلم وضيق ومنخفض وملتوٍ بعض الشيء يشبه سرداب الهاربين من سجن. مصباح كهربائي ضعيف محبوس داخل قفص حديدي كان يلقي بضوئه الباهت المتكدر علي هذا الممر في ساعات النهار أيضاً. من الجهة الأمامية لم يكن هناك إلا شباك واحد لغرفة والدي وشباك واحد لغرفتي كلاهما محميان بدرف حديدية وكلاهما يحاولان أن يسترقا النظر ليطلا شرقا إلا أنهما لا يريان إلا شجرة سرو مغبرة وجداراً من حجارة غير مصقولة. أطل مطبخنا ومنافعنا عبر كوة محددة علي ساحة سجناء صغيرة محاطة بحيطان عالية ومرصوفة بالأسمنت فيها كانت تحتضر نبتة خبيزة شاحبة زرعت في صفيحة زيت صدئة لعدم وصول أشعة الشمس إليها. علي قواعد النوافذ كانت تصطف دائماً مرطبانات مغلقة فيها خيار مخلل وشتلة صبار مغمومة البال مستحكمة في تراب مزهرية تشققت فتحولت للخدمة بوظيفة أصيص.
كان ذلك بيت أرضي: الطابق الأرضي في هذا المبني حفر في سفح جبل. كان هذا الجبل هو جارنا الذي خلف الحائط- جار ثقيل انطوائي واجم –جبل هرم وكئيب له عادات أعزب ثابتة حرص دائما علي الهدوء المطلق جبل وسنان كهذا شتوي لم يسبق أن حرك أثاثاً أو استقبل ضيوفا لم يضايق ولم يضج أو يشك. ولكن عبر الحائطين المشتركين بيننا وبينه كانت تتسرب إلينا دائماً إلينا دائماً برودة وظلمة وصمت ورطوبة هذا الجار المكتئب كانت تتسرب إلينا دائماً برودة وظلمة وصمت ورطوبة هذا الجار المكتئب مثل رائحة العفونة الخفيفة والعنيدة.


وهكذا كان طوال فترة الصيف يحتفظ عندنا شيء من الشتاء.
كان الضيوف يقولون: لطيف جداً عندكم في أيام الحر الشديد بارد وهادئ بارد فعلا ولكن كيف تتحملون ذلك في الشتاء؟ أولا تنقل الحيطان الرطوبة؟ أوليس الوضع كئيبا في الشتاء هنا ؟
الغرفتان كوخ المطبخ – المنافع وخاصة الممر الذي بينها كانت كلها مظلمة. الكتب عندنا ملأت كل زاوية في البيت: عرف والدي القراءة بست عشرة أو سبع عشرة لغة والتحدث بإحدي عشرة (وكلها بلكنة روسية). أمي تحدثت بأربع أو خمس لغات وقرأت بسبع أو ثمانِ.
كانا يتحدثان بينهما بالروسية والبولندية عندما أرادا ألا أفهم ( طوال الوقت أرادا ألا أفهم عندما زل لسان امي مرة وقالت علي مسمع مني ((حصان فحل)) باللغة العبرية بدلا من الأجنبية – أنبها والدي بلغة روسية غاضبة: شتو اس تبوي؟ فيدش ملتشيك ريادوم اس نامي!). لاعتبارات حضارية قرأ والدي كتبا بالألمانية والإنجليزية بشكل خاص أما أحلامهما في الليل فقد كانت بالتأكيد بالإيديش. أما أنا فلم يعلماني إلا العبرية لا غير: ربما خشيا من أن معرفة اللغات ربما تكشف لي مغريات أوروبا الرائعة والقاتلة.

بيانات الرواية:



اسم الرواية: قصة عن الحب والظلام
المؤلف: عاموس عوز
الترجمة:جميل غنايم
الناشر: منشورات الجمل
تاريخ الاصدار:2010
الحجم:12 ميجا بايت






روابط تحميل رواية قصة عن الحب والظلام 




أشترى كتبك الورقية -توصيل لباب بيتك

رابط تحميل مباشر

رابط تحميل بديل

قراءة الرواية اونلاين






تعليقات