القميص المسروق .... رواية لــ غسان كنفاني

القميص المسروق رواية لــ غسان كنفاني

يضم هذا الكتاب ثماني قصص قصيرة كتبها غسان كنفاني على مدى سنوات متباعدة، وفي أماكن ومراحل مختلفة، وجمعت بعد استشهاده. ولم يكن قد أصدرها في كتاب واحد.
أما "القميص المسروق"، فكانت من أوائل ما كتب في الخمسينات، وقد نشرت أول مرة في الكويت عام 1958، حين حازت الجائزة الأولى في مسابقة أدبية

مقتطف من الرواية


رفع رأسه الي السماء المظلمة وهو يقاوم شتيمة كفر صغيرة اوشكت ان تنزلق عن لسانه واستطاع ان يحس الغيوم السوداء تتزاحم كقطع البازلت وتندمج ثم تتمزق.
القميص المسروقان هذا المطر لن ينتهي الليلة هذا يعني انه لن ينام بل سيظل منكباً علي رفشه يحفر طريقاً تجر المياه الموحلة بعيداً عن اوتاد الخيمة لقد اوشك ظهره ان يعتاد ضرب المطر البارد.. بل ان هذا البرد يعطيه شعوراً لذيذاً بالخدر.

انه يشم رائحة الدخان لقد اشعلت زوجه النار لتخبز الطحين كم يود لو أنه ينتهي من هذا الخندق فيدخل الخيمة ويدس كفيه الباردتين في النار حتي الاحتراق لا شك انه يستطيع ان يقبض علي الشعلة باصابعه وان ينقلها من يد الي اخري حتي يذهب هذا الجليد عنهما.. ولكنه يخاف ان يدخل هذه الخيمة ان في محاجر زوجه سؤالاً رهيبا ما زال يقرع فيهما منذ زمن بعيد لا ان البرد اقل قسوة من السؤال الرهيب. ستقول له اذا ما دخل وهي تغرس كفيها في العجين وتغرس عينيها في عيونه: هل وجدت عملاً؟ ماذا سنأكل اذن؟ كيف استطاع (ابوفلان) ان يشتغل هنا وكيف استطاع (ابوعلتان) ان يشتغل هناك؟ ثم ستشير الي عبد الرحمن المكور في زاوية الخيمة كالقط المبلول وستهز رأسها بصمت ابلغ من الف الف عتاب.. ماذا عنده الليلة ليقول لها سوي ما يقوله في كل ليلة..



-هل تريدينني ان اسرق لاحل مشاكل عبد الرحمن؟
ونصب قامته بهدوء لاهث ثم ما لبث ان عاد فاتكأ علي الرفش المكسور وانشأ يحدق بالخيمة الداكنة مستشعراً قلقاً عظيما وهو يسأل نفسه:
- وماذا لو سرقت؟
ان مخازن وكالة الغوث الدولية تقع علي مقربة من الخيام ان قرر ان يبدأ فهو يستطيع بالتأكيد ان ينزلق الي حيث يتكدس الطحين والرز من ثقب ما سيجده هنا او هناك ثم ان المال ليس حلال احد لقد اتي من هناك من عند ناس قال عنهم استاذ المدرسة لعبد الرحمن انهم ((يقتلون القتيل ويمشون في جنازته)) فماذا يضر الناس لو انه سرق كيس طحين.. كيسين.. عشرة؟ وماذا لو باع شيئاً من هذا الطحين الي واحد اولئك الذين يتمتعون بقدرة عظيمة علي استنشاق روائح مسروقات وبقدرة أعظم في المساومة علي ثمنها؟ ولذت له الفكرة فدأب بعزم اشد علي اتمام حفر الخندق فيما حول الخيمة واخذ يسأل نفسه من جديد ان لماذا لا يبدأ مغامرته منذ الأن؟ ان المطر شديد والحارس مشغول بأمر البرد اكثر من انشغاله بمصلحة وكالة الغوث الدولية فلماذا لا يبدأ الأن؟ لماذا؟ -ماذا تعمل يا ابا العبد؟ ورفع رأسه لي جهة الصوت وميز شبح ابي سمير قادماً من بين صفي الخيام المغروسة الي ما لا نهاية الظلمة..
-انني احفر طحيناً..

تحفر ماذا؟
-احفر..احفر خندقاً..
وسمع ضحكة ابي سمير الرفيعة التي سرعان ما تلاشت في ثرثرة:
-يبدو انك تفكر بالطحين ان التوزيع سيتأخر الي ما بعد العشرة الايام الاولي من الشهر القادم اي بعد خمسة عشر يوماً تقريباً فلا تفكر منذ الأن الا اذا كنت تنوي ان تستعير كيساً او كيسين من المخزن.. ورأي ذراع ابي سمير تشير باتجاه المخازن ولمح على شفتيه السميكتين ظلاً لابتسامة خبيثة وشعر بصعوبة الموقف فعاد يضرب الارض برفشه المكسور.

بيانات الرواية:



اسم الرواية: القميص المسروق
المؤلف: غسان كنفاني
الناشر: مؤسسة الأبحاث العربية
الحجم:2ميجا بايت



روابط تحميل رواية القميص المسروق 




أشترى كتبك الورقية -توصيل لباب بيتك

رابط تحميل مباشر

رابط تحميل بديل

قراءة الرواية اونلاين








تعليقات