الشيء الأخر ..... رواية لــ غسان كنفاني

الشيء الأخر رواية لــ غسان كنفاني

نسيج قصصي لم نألفه في نتاج كنفاني السابق أو اللاحق. فهو يكتب عملا بوليسيا او شبه بوليسي، ويحيل الحبكة القصصية إلى لحظات من التوتر لمعرفة القاتل، ومعرفة الظروف المحيطة بالجريمة التي اودت بليلى الحايك

مقتطف من الرواية

انا لم اقتل ليلي الحايك. اقولها لك انت ياديما الحبيبة الرائعة.. واقولها لكم جميعا ايضا.
اقولها لكم جميعا للمرة الاخيرة دون ان اتوقع مردودا لا بالجزاء ولا بالعقاب ولذلك لابد ان تكون صادقة: فليس ثمنة اصدق من حكم يطلقه علي نفسه رجل ميت! انا لم اقتل ليلي الحايك.
ولست اريد لاحد ان يمنحني الشفقة اذا أقنعته هذه الكلمة بان رجلا بريئا قد شنق. ولست اقولها لاي غرض . وليس لهذه الحقيقة ان تفعل ايما شيء مع العدالة. فقد كانت القضية كلها قبل ان يكتشفها القضاء وبعد ان اصدر حكمه فيها فوق قدراتنا جميعا ووراء منطقتنا ولذلك ارتضيت كل دقائقها صامتا كما تعلمون . ليس تماما.
الشىء الآخر لقد تكلمت كثيرا في الساعات الاولي دافعت عن نفسي بالحقائق التي يستطيع الرجل المفرد ان يراها ثم فجأة كما ينشد حبل ما حول عنق انسان فيرفع في لحظة واحدة جدارا حاسما بين الموت والحياة قررت ان اصمت. لقد استغرب الكثيرون مني انا بالذات ان التزم الصمت في حين اخذت الدلائل كلها تدفعني اكثر فاكثر نحو حبل المشنقة انا الذي ما تعودت ان اصمت حين كان الموت يهدد الرجال الذين سلموني بقدرية لا مثيل لها حبال مصائرهم. وانت يا ديما الحبيبة الرائعة كنت بلا شك اكثر الناس استغرابا.. فيما مضي كنت ارمقك وانت جالسة في مقاعد الحضور تنظرين الي مغتسلة باعجاب كان يستثيرني وانا منصرف الي الدفاع عن المتهمين.. وحين كانت انتزع من منصة القضاء حكما بابطال الموت عن موكلي كنت اعتبر هذا النصر هدية لعينيك وحدك وكنت دائما- اصدقك عواطفي الان- انغمس وانا سابح في انتصاري بتصورك تلك الليلة بين ذراعي... كنت تمنحيني عاطفة عميقة غريبة كأن انقاذي لموكلي هو وحده الذي اتاح لك ان تنامي في الفراش معي كأن تخليص انسان من الموت كان يوقد في لحمك انت وهج الحياه... وكأنك- اسمحي لي – كنت تنامين تلك الليلة مع اله من نوع نادر بعث الناس فجأة الي الحياة ولون العالم. تري.. كيف تفكرين الأن ؟ هل تعتقدين لحظة انني انا الذي قتلت صديقتك ليلي الحايك؟ هذا السؤال هو الذي كان وحده يؤرقني في الليالي التي امضيتها وحيدا في الزنزانة.. لا يا ديما الرائعة انا لم اقتل ليلي الحايك! تقولين: اذن لماذا التزمت الصمت طوال الوقت؟ ما الذي ربط لسانك؟ لماذا لم تدافع عن حياتك انت الذي خلصت حياة الكثيرين من حبل المشنقة؟ هذه هي قصت كلها ..
انها الجواب علي هذه الاسئلة التي حيرت الجميع وحيرتك انت خصوصا وحيرتني انا- في البدء اكثر من اي انسان أخر. لقد كان صمتي اعلاناً راعداً عن ((شيء أخر)) في حياتنا عشنا دائما في معزل عنه فاذا به فجأة اقوي ما في حياتنا.
من الذي قتل ليلي الحايك اذن؟


اجيبك ببساطة: شيء اخر هو الذي قتل ليلي الحايك شيء لم يعرفه القانون ولا يريد ان يعرفه.. شيء موجود فينا وفيك انت وفي انا في زوجها وفي كل شيء احاط بنا جميعاً منذ مولدنا.
نعم: انا جزء من الجريمة وانت كذلك... ولكن الذي نفذ الجريمة هو وحش غامض ما زال- وسيظل- طليقا.
لقد صمت حين اكتشفت هذه الحقيقة فجأة.. وجدت نفسي في الفخ وعانيت ما عاناه كل انسان اكتشف فجأة شيئا لم يكن رفاقه قد اعتادوا عليه بعد ولذلك قررت ان اصمت وان اترك كل شيء يأخذ مجراه الذي سار فيه دون ارادتنا وسيظل يسير فيه بصرف النظر عن ارادتنا.

بيانات الرواية:



اسم الرواية: الشيء الأخر
المؤلف:غسان كنفاني
الناشر: مؤسسة الأبحاث العربية
تاريخ الاصدار: 1980
الحجم:3 ميجا بايت



روابط تحميل رواية الشىء الآخر 




أشترى كتبك الورقية -توصيل لباب بيتك

رابط تحميل مباشر

رابط تحميل بديل

قراءة الرواية اونلاين






تعليقات