النباشون .... رواية لــ سوسن جميل حسن

رواية النباشون لــ سوسن جميل حسن

تصوّر هذه الرواية عالماً يتطوّر خارج “المألوف الحضاري”، فلا شيء في مكانه، بدءاً من الصبي “جمعة” الذي “خرج إلى الوجود عن طريق قفاه” وظلّ يجرّ وراءه عاهة لن تزول أبداً، وانتهاء بالعيش وسط أكوام الزبالة واستنشاق رائحة الحمير، مروراً بلقاءات جنسيّة قذرة تتحقّق خارج استفهامات الحم ولذّاته.

مقتطف من الرواية

"لا ترم الأوساخ خارج الحاوية تحت طائلة المساءلة القانونية".
النباشون عبارة مكتوبة بالأبيض الوسخ، على جانب من جوانب الحاوية لم تغطه بعد أكوام الأكياس التي تفيض عنها، او غالباً لا تدخلها، إنما ترمى عن بعد بخفة أو استهتار، او برغبة التسديد من بعيد، ولا سحابة الذباب المتماوجة فوقها. تلاحمت له تلك الكتابة من بعيد وهو يتقدم، يلحقه حماره المصاب بقائمته الخلفية اليمنى، وقد أمسك بالحبل المعقود حول رقبته.
كان جمعة الأدشاش يعرف جيداً كل الحاويات، من حيث موقعها، ومحتوياتها، فقد حفظ الشوارع والأزقة وما يتميز به ساكنوها من صفات مشتركة، من خلال النفايات التي تتراكن في الحاويات التابعة لها، والطريقة التي يلقون بها زبالتهم. مشواره ابتدأ مع أول مرة مضى فيها مع والده إلى الشغل ولما يبلغ السادسة من عمره. كان والده يصطحب أيام العطل, يوقظه باكراً وهو ينعم بغفوة الصباح, عندما يكون سعيداً وهو يحلم أنه لن يضطر إلى الاستيقاظ باكراً طالما أن اليوم عطلة, مع أنه كان يحب الذهاب إلى المدرسة, لكن أباه لم يكتف بأيام العطل, بل كان أحياناً يغيبه عن المدرسة, لكن أباه لم يكتف بأيام العطل, بل كان أحياناً يغيبه عن المدرسة بادعاء مرضه من أجل اصطحابه إلى الشغل, كان هذا يحصل في مواسم الازدهار التي كان والده يعرفها بالحدس, او يتوقعها بطريقته الخاصة

التي علمته إياها التجربة, ويريد أن يعلمها إلى جمعه الذي سيرث العمل عنه, لكن هذه الأمور لا يمكن شرحها, لذلك أصر على مرافقته إياه منذ ذلك العمر. وراح المشوار اليومي يأخذ منحاه الدائري المتطابق. لولا المفاجأة التي تحصل أحياناً، تحرض أحلامه من جديد، وتجعله ينسى معاناته اليومية، التي طالما قرر وهو يغالب النوم في بعض الليالي أن يتخلص منها، ليستيقظ صباحا ويكرر الأعمال نفسها، قبل أن ينطلق في رحلته عينها، لولا هذه المفاجآت، ربما كان مصيره تقرر بطريقة أخرى.
كان جمعة ينحدر في شارع الجمهورية، يعرج من رجله اليسرى المصابة بالضعف نتيجة الضمور العضلي والقصر، بسبب إصابة ألمت به أثناء الولادة، وتركت لديه هذه العاهة التي سترافقه طيلة حياته، إذ ليس من المأمول أن يستطيع دفع تكاليف عملية تطويل الساق في ظل الظروف التي يعيشها، والتي تمر بها البلاد. صحيح أن الزبالة زادت كمياتها كثيراً، لكن النفايات أو الفضلات التي يرمونها باتت رديئة قياساً بالماضي. كان جمعة يحدث حماره حول هذا الهم، عندما يمد عصاه المعدنية التي يفكها عن خاصره الحمار، وينبش بها الأكياس، أو يستخرج الأدوات المرمية من بين ركام التلال التي تفوح منها روائح كريهة كلما نبشها: يلمع أبو الغش والغشاشين، العمى ما عاد في بالدنيا كرسي مكسورة من جهة واحدة فقط، ولا سطل مرمى يمكن الاستفادة منه، يا عيني! كله رقيق وتهترئ ما إن تنهزه بالعصا حتى ينكسر، شائف ولط أبو طاف، هذا البلاستيك يطبخونه كذا مرة ويبيعوننا إياه، هل تذكر لما رحنا مع خليل إلى معمل البلاستيك الذي يشتغل فيه؟ شفت كيف كانت الأرض حوله ومفروشة بقطع البلاستيك على مساحة كبيرة، لا ينبت فيها زرع ولا شاء؟ حتى حردون واحد ينطو بين هذه القطع لم أر، كأن الحياة اتعدتم حوله.

بيانات الرواية



الاسم: النباشون
تأليف: سوسن جميل حسن
الناشر: دار الآداب
الطبعة: الأولى
سنة النشر: 2012
الحجم: 4 ميجا بايت






روابط تحميل رواية النباشون 




أشترى كتبك الورقية -توصيل لباب بيتك

رابط تحميل مباشر

رابط تحميل بديل

قراءة الرواية اونلاين




تعليقات